العراق لمن؟ والى أين ؟!

 قبل تسعة عقود، كان يحلم الملك غازي بتأسيس دولة مستقلة قوية ومقتدرة في العراق، بعيدا عن تدخل السفارات وهيمنة دولة الأنكليز ..

 

وفي تلك الايام حكم العراقيون مع جزء من المجتمع الأخرى بشكلٍ طبيعي في العالم ، وجزء من العراقيون الوطنيون كان لديهم اعتقاد بأنها نهاية الأنتداب البريطاني، مع دخوله الى عصبة الامم، لتكون بداية لعهد الاستقلال العراقي، ولتحقيق بلادًا قوية و عصرًا جديد . وبعد فترة طويلة جاء الكثيرون من الرؤساء و النظام الحكم المتباين، مر الكثيرون، لكن لم و لن يتحقق حلم الملك و الوطنيون، الان العراق بات يعاني مع تدخلات كل الاطراف الخارجية سياسيا، اداريا و اقتصاديا، سواء الانتهاكات المتكررة من البر و السماء، وبعد سنوات طويلة .. الان القادة العراقيون مختلفين تماما عن قيادات العهد الملكي, ويرون بأن العراق لم يحكم و لن يدار الى بأيادي خارجية او اقليمية ، هذا هو الواقع المؤلم و نقطة التحول بالاتجاه الخطير.

 

وبعد هذه التأريخ الملئ بالأحداث ، الأن أصبح العراق مرهون بمصالح جهات خارجية ، ومشكلة العراق ليست بالاقتصاد، او عدم وجود الكفاءات، لأن الدولة ثرية بالكفاءات و الثروات الطبيعية، وغني بالحضارات النادرة، حتى بالقوانين او النظام، او الجامعات المشهورة، العراق فيه العقول المبتكرة .

 

وتكمن المشكلة في عدم وجود رؤية وطنية على صعيد قياداته، فهم ليس لديهم انتماء الى الدولة او الوطن، وبلاد الرافدين تحتاج الى برنامج على أساس الوطنية دون مراعات المصالح الاجنبية، ولن يتحقق الاستقرار أو الازدهار فيما كل الاطراف السياسية العراقية يأخذون أوامرهم من خارج الحدود، في هذه الحالة فآن مهام كل مؤسسات الدولة يقتصر على الاحتفاظ بأجندات الدول اخرى، فمصلحة الشعب لا وجود لها في هذه العملية السياسة، ومستقبل المواطنين لا مكان لهم في البرنامج القائم، وطالما الطموحات و المطالبات من الجهات الخارجية أهم من المطالب الشعبية للمواطنين ، فآن كل المشاكل الاخرى تبدأ في هذه النقطة، كالفساد، والتهريب، وتمهيش دور المؤسسات.

 

الان العراق بعد قرن ورغم اختلاف الحكومات والسياسات اصبح دولة منكوبة ، ودمرت من النواحي المختلفة منها: التربية والتعليم العالي، النظام العسكري والصحي ، تردي الخدمات، وتراجعت المشاريع، و أزمات مستعصية اخرى .. لكن الحل ليس بيد العراقيين, بل بيد الجهات الخارجية ، وهم لا يريدون الحل للبلاد, بل يكسبون طموحاتهم ومصالحهم ، على حساب دم و حق المواطنين الابرياء العراقيون.

 

أنا لست من المتشائمين لكن إحياء العراق على ايدي هذه السياسة امر مستحيل البلاد يحتاج الى ولادة الجهات الوطنية الجديدة ، وتحتاج الى الجبهة او والرؤى الوطنية, لكي تراعي مصالح الشعب قبل اي شيئ، من اجل اعادة اساسيات الدولة و بناء البنية التحتية القوية و الالتفاف للمواطنين و مستقبل الاجيال القادمة ، ويتحقق ذلك في قوة الداخل .. والتي من المفترض ان تكون اقوى من الجهات الخارجية .

 

ثروات العراق كثيرة و كافية لكل مواطن, هل من الممكن لبلد لديه احتياطي نقدي بنحو 100 مليار دولار مع 130 طن ذهب ومع ذلك هو احد اقوى مصادر السوق النفطي .. والمواطنون يعيشون تحت سياسة الفقر والبطالة والجوع والحرمان ، وهذا دليل واضح على ان البلاد ليس للعراقيين، وكل الازمات تنتهي اذا كان العراق للعراقيين فحسب.

249 عدد القراءات‌‌