القيادات الكوردية وهزالة التفكير السياسي

مرة أخرى للأسف يتصور الانسان الكوردي انه أصبح سلعة في عالم السياسة التي تحكمها المصالح العقلانية ومن جديد يتصور ان حيفاً وظلماً وقع عليه من جانب القوى العالمية والدول المجاورة لنا والتي نتصورها أعداءً لنا متناسين ان في كل دولة هناك الكثير من الكورد ممن يعملون مع السلطات في هذه الدول.

ما لا أفهمه وأكتبه بقلم حزين جداً، لماذا نريد دائماً ان يقف معنا العالم الغربي والشرقي ومؤسسات وشخصيات عالمية، في حين اننا الى يومنا هذا لازلنا لا نقف مع بعضنا البعض بل ان المؤامرات لا زالت مستمرة ومواقفنا السياسية والشعبية ايضا، بما انها تتوافق مع السياسة البغيضة والغبية والفاقدة لكل استراتيجية سياسية للشخصيات التي تحكم المناطق الكوردية في الدول الاربع.

القيادات في جميع أجزاء كوردستان ايران وتركيا وسوريا والعراق هي للاسف قيادات تفتقر لأبسط قواعد العمل السياسي وهي بصراحة تتصرف وفق اهواءها وحسب مصالح عشائرها والافراد الاقوياء فيها او يقودهم انسان بسيط لا يمتلك النظرة السياسية بعيدة المدى كما في سوريا. الشعب الكوردي القريب من الخمسين مليون نسمةً لم يكن محظوظاً في القرن الماضي عندما وزع المنتصرون في الحرب العالمية الاراضي والحكم على دول الشرق الاوسط، بل واصابه النحس بوقوعه في ظل قيادات لم تستطع  ان تخرج من عباءة الفكر العشائري المتخلف او العقيدة المتحجرة التي لا تعطي فسحة ضوء للنقاش او النقد الحر البناء.

نحن مثلاً في كوردستان العراق وحتى يومنا هذا لدينا حكومتين في اربيل والسليمانية وصلت الى حد ان البيشمركة لديها قيادتين مختلفتين وقرارات حكومة اربيل العاصمة في الواقع  ليست ملزمة التنفيذ في السليمانية، وفي (كوردستان تركيا) هناك حزب العمال الكوردستاني الذي يقوده عبد الله اوجلان رغم وجوده في السجن والكثير ممن هم موالون للدكتاتور التركي اردوغان وينتخبوه كرهاً باوجلان، في كوردستان ايران نفس الشيء للاسف يوجد أكثر من حزب وفي كوردستان سوريا كذلك حيث التبعية الكاملة لأوجلان ونظرياته السياسية التي عفا عليها الزمن ومحدودية ذكاء قيادتهم بسبب حداثته وقلة خبرته في العمل السياسي.

نحن الكورد نريد دائماً ان تقف معنا مؤسسات المجتمع المدني، والشخصيات العامة في العالم الغربي متناسين اننا لم نعمل ابداً على تأسيس لوبي مؤثر ويقدر ان يغير من رأي صناع القرار أو يؤثر في عاطفة الشعوب. واننا لم ندعم يوماً يوماً جامعة عالمية او مركز لبحوث علمية او اجتماعية مرموقة  يذكر، ويحدث قليلاً جداً ان يمثلنا مثقف حقيقي او شخصية اكاديمية مستقلة محترمة يعطي انطباعاً جيداً عن المورد، بل ان أغلبية المشاركات في هذه المحافل هي لابناء واقارب المسؤولين او اعضاء احزاب لا يفقهون شيئاً غير الركض وراء المآدب في المؤتمرات وشخصياً شاهدت الكثيرين منهم يشاركون فقط لأجل الترحال والسفر والتبضع ولا يحضرون المؤتمرات وورش العمل اصلاً.

ان أموال كوردستان تُصرف على شراء البيوت والعقارات وفي صالات القمار والملاهي من قبل المسؤولين، الى ان وصل الحال بالرئيس الامريكي الصريح الى حد التبجح بوقاحةً بأن يقول اننا دفعنا للاكراد الاموال وساعدناهم بالسلاح لكي يقاتلوا وكأننا مرتزقة وليس شعباً يقاتل (من اجل حريته وقضيته العادلة) ويدافع عن العالم أجمع ضد داعش جنباً الى جنب مع اخوته في الجيش العراقي والحشد الشعبي قبل سنتين فقط.

المآسي كثيرة جداً في تاريخ الاكراد، واخطاء القيادات تصبح أكبر مع كل أزمة بمرور الوقت، الشعب ايضاً يتحمل المسؤولية لأنه يقتنع بالقليل القليل ويؤمن بالشخصيات الخطأ ولا يحاسبهم على قلة حيلتهم وسذاجة تفكيرهم وسعيهم نحو المجد الشخصي وجمع المال من سرقة قوت الشعب.

574 عدد القراءات‌‌