الثورة العراقية والابتعاد عن ثقافة القطيع ؟

"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"
هكذا هتف الخليفة عمر بن الخطاب فى وجه عمرو بن العاص حاكم مصر، عندما ظلم ابنه قبطياً ولم يأخذ للقبطي حقه من ابنه بل استغل سلطته، هذا حدث قبل ١٥٠٠سنة تقريباً، لكن ان يحدث هذا الاستعباد اليوم في القرن الواحد والعشرين عن طريق ظلم واستعباد الناس ليس فقط من خلال السلطة المدنية او العسكرية، بل بسبب السيطرة الوجدانية عليهم من قبل المرجع او الشخصية المسيطرة عليهم والمضي بهم نحو ما يروه صحيحاً، مهما كانت النتائج. وقد تتكون هذه المجموعة من مئات الانصار او حتى الملايين.


الثورات في معظمها تقوم من اجل اهداف اجتماعية لتحقيق العدل والمساواة وتحسين الخدمات ونقل المجتمع، لمستوى أفضل معيشياً ورفع مستوى التعليمي والصحي وبناء دولة القانون، الذي يضمن مساواة الجميع بدون اي تمييز. عدا القضاء على النظام السياسي الفاسد واصلاح الحكم وبناء المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، والتي عن طريقها تستطيع ان تقضي او تحد الى حد كبير من سلطة القلة التي تريد ان تسيطر فكريا وروحياً على الاكثرية من خلال الاستفادة من سلطة المال او الوجاهة او السلطة الدينية.

ثورة الشباب العراقي منذ الاول من تشرين الأول من العام الماضي، هي في حد ذاتها ليست فقط صرخة شعب من اجل استرجاع وطنٍ، سلبه منهم احزاب فاسدة أمعنت في سرقة البلد وقتل ابنائه والزج بهم في آتون حروب اهلية وطائفية وصلت الى خارج حدود العراق، بل ايضاً بعد ان ضاق الشباب ذرعاً بتسلط المؤسسة الدينية والتحكم في مصير الوطن والشعب من خلال خطب ورسائل اسهمت في كثيرها في تقوية أركان الفساد وسلطة الاحزاب التي قدرت ان تأول الخطب لصالحها.

هنا يجب علينا أن نؤشر أن المرجعية الرشيدة بشخص السيد السيستاني فقط بعيد عن كل الشبهات ولكن المحيطين به والبعيدين منه وقيادات التيار الصدري، استغلوا سلطة العمامة وصفاتهم الدينية وصلاحياتهم وشكلوا تشكيلات عسكرية ومؤسسات اقتصادية وعملوا مع الفاسدين في سبيل الاغتناء الشخصي ولم يلتزموا بتوجيهاتم ولذلك اصبحت المؤسسة الدينية عرضة للنقد من قبل الناس وخاصة شباب الثورة الذين خسرت المرجعية والتيار الكثير من ولاءهم.

الشباب العراقي في هذه الثورة أثبت لنفسه وللعالم الذي لازال ساكتاً وصامتاً بصورة غريبة، انه قادر على ان يصنع الاحداث ويحللها بصورة صحيحة ويقدم الحلول الناجعة لتطوير بلده ولعل تخلصه من السلطة العشائرية والدينية احد اهم علامات هذه الثورة المباركة.

583 عدد القراءات‌‌