قبل أن تشرع بتقديم التهاني والتبريكات
والتبجيل والتعظيم لمسؤول أدى جزاء صغيرا من واجبه كان لابد أن ننوه إلى أن
مايفعله مدير ما هو من صميم عمله وليس منّةً على أحد فلا داعي بعد كل إعلان عن
رؤية هلال رمضان او العيد أن تتوالى العواجل عن إثبات رؤيته او قرب ظهوره او بعض
عبارات الحمد لله على السلامة يبدو أنها أشبه بعملية قيصرية شبه شهرية ولا داعي
لسماع دوي مدفع الإفطار نهاية الشهر يعني ينطبق عليهم المثل (عرب وين طنبورة وين)
قبل هذا الكلام كان في خلدي أن أعاتبَ المسؤول عن رؤية هلال العيد الذي لم يحضر
إلى ايّةِ مدرسة للوقوف على مشاكل ومعوقات المعلمين فيها والتعرف على إحتياجاتهم
ومتطلباتهم فاقتصر حضوره على بريد ورقي متنوع بين إعمام وتبليغ ومستعجل وأمر بنقل
او تنسيب او غيرها من العناوين.
وقبل أن أودع سنين الثلاثين كان لزاما أن
أعمل على مراجعة سريعة لذكرياتي التي كتبتها على صفحات من الوفاء والإخلاص في
العمل حينها لم أخف إلا النسيانَ وناكري الجميل وعلى ما يبدو إن الذين توالوا على
تسنّم منصب المدير لم يعالجوا القضايا الساخنة التي تمس واقع المعلم في نينوى
ولعلي ألتمس لهم عذرا لأن برودة الشتاء فاقت التوقعات والإنخفاض الشديد في درجات
الحرارة أدت إلى انخفاض بورصة المطالبات الجماهيرية.
إن الكثير الكثير منهم يحسب أنه قدم وعمل
وضحّى من أجل المعلم حتى إنّ البعض منهم أصبح يردد المثل الشعبي (يا مَن تعب يا
مَن شكَا يا مَن على حاضر لكه) فيجد في عمله بطولة وإنجازا يستحق أن يدخل في موقع
غينيس للأرقام القياسية وما يزيد الطين بِلةً أن ينسى الجمهور التربوي كل هذه
البطولات والأعمال (الجاكيشانية ) يعني أن يصبح كالذي يتذوق الحب بملعقة من ذهب
فتجده يفرّ مترنّحا كأنه لم يفرق بين حب العذارى والثيبات.
فسجلتُ تأريخ تعييني وأول يوم من مباشرتي في
مجمع حطين في قضاء سنجار قبل أربع عشرة سنة ولم أجد من يهتم لأمر المعلم او مَن
يأخذ بيده إلى حيث يستحق من مكانة تليق بالإنسان وقيمته وكذلك لم أجد من يسمع
أنينه او شكواه وما يقاسيه من ظلم النهارات وجور المساءات ولم أجد من يكأفه بقدر
ما أجد أن سيف بعض المشرفين أقرب إلى رقبته من حبل الوريد كل هذه المآسي ولازال
المعلم يمثل ذلك الغيث الذي أينما وقع نفع.
يعني ينطبق عليه المثل الشعبي
(إسمك بالحصاد ومنجلك مكسور)
إن أوجاع وهموم المعلم باتت واضحة وضوح
الشمس في كبد السماء فبعضهم صار يقضّم أصابع الإرتعاش حزنا على ماضيه الجميل
وواقعه المرير الذي صار رقما سهلا في بورصة الفَسدة الفَجرة الذين لا تملئ أعينهم
إلا حفنةً من تراب.
فهل ستحمل الأرحام وتلد رجلا يخشى الله في
المعلم ويجعله نصب عينيه؟ وهل ستهفو الأرواح في مساكنها الآيلة إلى التجديد
والخروج عن التقليد والمحاكاة؟.
فهل سيكمل الذي يأتي مجددا مشوار من قبله
كموظف الأحوال الشخصية يكمل في نفس الصفحة والسجل ام أنه سيعمل على فتح صفحة جديدة
وسجل جديد أم أنهم لا يمتلكون صلاحية ذلك؟ يعني بالأخير راح ينطبق عليهم المثل
الشعبي العراقي (باب النّجار مخلوع)
واختم مقالتي بما قاله علي بن أبي طالب رضي
الله عنه
ما ولدتم فللتراب
وما بنيتم فللخراب
وما جمعتم فللذهاب
وما عملتم ففي الكتاب
مدخر ليوم الحساب
1104 عدد القراءات